
يمتاز جمال بالقدرة على الانتقال من عالم إلى عالم آخر بسهولة، كما هو الانتقال من الضحك إلى البكاء في السينما. مواهبه الفنية جعلته يحظى باهتمام كبير عند مرتادي العلب الليلية من كبار القوم، كما بين تلاميذ الثانويات حد أن هؤلاء صاروا يقلدونه في ملبسه وفي وضع اليد في الجيب وفي لغته السريعة و»ابتكاراته» اللسانية...
لقد تطور التعلق بجمال إلى درجة أن الأمر أصبح ظاهرة بين المراهقين والشبان خاصة بعد بدء بث سيتكوم H على قناة «كنال». ويحيل حرف «H» على كلمتي «Humour» و«Hôpital» ككلمتين أساسيتين تنبني عليهما السلسلة كلها، التي تضم إلى جانب جمال كلا من الكوميدي إريك جودور ورمزي بيدية والبرتغالي جون لوك بيدو وكاثرين بنكيكي وصوفي مونيكو...
راهنت «كنال بلوس» كثيرا على هذه السلسلة، كما أن الممثلين فيها منحت لهم رواتب هامة، خصص منها لجمال الدبوز 200 ألف فرنك للحلقة الواحدة. كان راتبا كبيرا لم يصدقه جمال في البداية. انطباع جمال حول هذا الراتب غير المألوف علق عليه المنتج جون بيير رامساي بالقول:» عندما أخبرته بقيمة الراتب الذي سيتقاضاه اعتقد أنني أخطأت في الرقم وأنني أضفت صفرا إليه.»
كان الممثلون في هذه السلسلة يرتجلون الكثير من حركاتهم وأقوالهم. كان التصوير يتحول، أحيانا، إلى ما يشبه الفوضى، وكان جمال، طبعا، بطلا في هذا الارتجال حد أن الاستوديو لم يكن يهدأ إلا عندما يهدأ هو. تقول إحدى الممثلات- الكومبارس: «كان يحدث أن يغير (جمال) فقرات بحالها من السيناريو الأصلي، وهو ما يجعل كتاب السيناريو ينتفضون غضبا...». أما النصوص الفكاهية فكانت تحضر على عجل، بل كان منها ما يحرر في اليوم السابق للتصوير أو صباح يوم التصوير على يد كتاب السيناريو الذين تكونوا في مدرسة «كنال». لكن إذا كان السيناريو كذلك، فإن الموهبة الفنية لجمال كانت ترفع من قيمة النصوص وتحسنها؛ بل إن المخرج إدوار مولينارو، قيدوم السينما الفكاهية الفرنسية، قال عنه:» إنه يجسد الطبيعة الاستثنائية جمال الدبوز هذا. لم أصادف مثله الكثير خلال 40 سنة من المهنة. فكما هو الشأن عند لوي دو فونيس أو ميشيل سيرو، تنبني فكاهته على حقيقة داخلية. وحتى عندما يؤدي المشاهد الأكثر غرابة، فإنك ترى الحقيقة في عمق عينيه. إنها خاصية الفكاهيين الكبار.»
صحيح أن قواعد السيتكوم الأمريكي لم تحترم بالشكل المطلوب، إلا أن الأداء الذي قدمه جمال تجاوز فيه حدود الحرية الممكنة، والتي لم يكن يعتقد أنها ممكنة في العمل التلفزيوني. «كنت أريد أن أذهب إلى أبعد مما كنا نقدم، يقول جمال. طلب مني أن أكتب حلقة، إلا أنني لا أعتقد أن المجلس الأعلى للسمعي البصري كان سيقبلها كنت أريد الحديث عن أشياء يعرفها جميع الناس...(...) في جميع الأحوال، يجب أن أنضبط في عملي أكثر فأكثر لأن شخصيتي الحالية قد تصبح ظاهرة عابرة، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا. وإذا توقفت الأمور عند هذا الحد، فلن يصبح بإمكاني إلا أن أعود إلى حضن أمي أو أن أحترف السطو على الأبناك...».
استمر الدور الذي أداه جمال في ذلك السيتكوم لمدة 71 حلقة من 22 دقيقة. وانتهى به الأمر إلى كره نفسه وما يقدمه من عمل.
فكر في التخلي عن هذا العمل قبل أن يتراجع لأنه لا يمكنه أن يتخلى عن التزام عقده مع المسؤولين. كان يطمح إلى أشياء أخرى أكثر من مجرد التمثيل التلفزيوني. كان يريد أن يستعيد حياة المسرح والارتجال الفكاهي. لكنه، قبل في الأخير أن يؤدي دوره في موسم آخر من نفس السيتكوم مقابل عقد مال خيالي تم الاتفاق عليه في شهر دجنبر 1999، بعد أن تفاوضت في شأنه نادية مورين مع جون بيير رامساي ليفي والمسؤولين الماليين في القناة. فقد اشترطت عليهم دفع ضعف ما كان يتقاضاه الدبوز في الموسم السابق. رفض المسؤولون في البداية واقترحوا 4 ملايين فرنك. تحكي نادية مورين حكاية التفاوض هاته فتقول:» كان جمال مستعدا للتخلي عن العمل لأنه كان يفكر في مشروع فيلم سينمائي (Astérix et Obélix، Mission Cléopâtre)، إلا أنني قلت له بأنه مازال لم يؤمن نفسه ماديا حتى يمكنه أن يتخلى عن هذا السيتكوم. ذهب رامساي ليفي وعاد للتشاور مع شركائه في «كنال بلوس»، الذين كانوا متشبثين بجمال إلى حد أنهم قبلوا بطلبي القاضي بدفع 6 ملايين فرنك، مدفوعة على جزأين، بينما حددت عمولتي في 720 ألف فرنك. بعد مدة، علمت بأن رامساي ليفي نصح جمال بأن ينفصل عني ويختار عميلا آخر...».
انسحب جمال من السلسلة بعد أن غنم منها الكثير من الأموال، لكن أهم ما غنمه هو تعرفه على شخصية مهمة، كانت من الشخصيات التي أسهمت في كتابة سيناريو السلسلة، ويتعلق الأمر بعبد القادر عون، المعروف اختصارا بـ «قادر عون»، الذي التحق منذ سنة 1997 بشركة كنال بلوس، وهو من أصول جزائرية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire