
بعد الصدى الذي تركته حفلات الـ «وان مان شو» بين الجمهور الواسع ووسائل الإعلام، كبر طموح جمال الدبوز وصار يتطلع إلى ولوج الدوائر العليا الحكر على شخصيات من نوع خاص.
طموح الدبوز الآن هو أن يدخل إلى تلفزيون كنال بلوس والإطلالة على المشاهدين من نافذة إعلامية كبيرة مثل هذه. لكن هنالك حاجز يحول دون هذا الطموح المستحق. فثمة شك ينتاب مدير البرامج بالقناة، ألان دو غريف، الذي ما زال يتساءل حول شخصية الدبوز للتأكد من كفاءته الحقيقية. تطلب الأمر من جاك ماساديان أن يستعمل علاقاته الخاصة لإقناع مدير البرنامج بأن جمال يستحق المرور في كنال بلوس. فبادر إلى الاتصال بصديقه برنار زكري، الصحافي السابق في صحيفة «أكتييل» قبل أن يلتحق بالإنتاج التلفزيوني بكنال بلوس، حيث كلف بإطلاق التصور التلفزيوني الجديد لبرنامج «Nulle part Ailleurs»، الذي يحتاج إلى نفس جديد. آمن زكري بأن لمسة جمال هي التي يحتاجها البرنامج، فبدأ العمل بمحاولة إقناع مدير البرامج بالفكرة مستعينا بمعارفه داخل القناة، فنجح في ذلك.
استطاع جمال، إذن، أن يدخل إلى «كنال بلوس» من بابها الواسع، بل إنه مُنح ركنا تلفزيونيا خاصا به يسمى «سينما جمال».
بمجرد أن التحق بالقناة، حفظ جمال الطريقة التي تسير عليها الأمور من اجل استغلال فرصة الظهور في التلفزيون ضمن برامج قناة كبيرة مثل «كنال بلوس». بدا كما لو كان يريد أن يحرق المراحل بسرعة من أجل أن يحقق أهدافه، خاصة المادية. فقد كان يتصور نفسه يقود سيارة فيراري ويطوف بها بين أزقة الأحياء الشعبية المزدحمة بأبناء الطبقة الفقيرة.
داخل «كنال بلوس» تعرف جمال على الصحافي كيوم دوران، الذي يملك سيارة فيراري. وذات مرة جاءه جمال ليتحدث معه عنها، فأدرك دوران أن الفكاهي الناشئ يحلم، كما حلم هو كذلك في طفولته، بأن يملك سيارة من نفس الطراز. وذات صباح بادر دوران إلى منح سيارته لجمال يوما واحدا ليشفي بعض الغليل منها. إلا أن الحكاية كادت تنتهي نهاية سيئة. فقد أوقف الدرك جمال بعدما تضررت السيارة في إحدى المطبات نتيجة السرعة الفائقة التي كان يقود بها السيارة.
يتذكر كيوم دوران كيف أن الدبوز لم يفكر، أبدا، في الاعتذار عما قام به تجاه صديق هو الذي بادر إلى تسليمه سيارة فيراري. «(...) كان يدرك جيدا أنه ارتكب حماقة لا يريد أن يتكلم عنها، رغم أنه ليس من النوع الذي يمكنه أن يخجل من فعلته. بل إنه لم يكترث أبدا للمشاكل التي ترتبت عن ذلك مع شركة التأمين، يقول كيوم دوران. لقد حرمت طويلا من سيارتي؛ وهو ما جعل الجميع في «كنال بلوس» يسخرون مني. لكن بالنسبة لي، لم يكن الأمر مأساة وطنية، المهم هو أن جمال لم يصب بمكروه.»
سرعان ما أثبت جمال وجوده في «كنال بلوس» وفرض ذاته رغم الحصة الزمنية القصيرة التي منحت له، بل أصبح هو ظاهرة القناة في ظرف وجيز بشهادة برنار زكري، الذي ثمن قدرته على الانسجام مع البث المباشر ووضعه في مصاف كبار المرتجلين التلفزيونيين من أمثل كوليش وشبات...
لكن صديقه وشريكه جاك ماساديان بدأ يخشى على جمال من السرعة التي بات يسير بها في عالم التلفزيون، ومن خطر أن يصبح الفكاهي الموهوب مجرد منتوج تلفزيوني تسويقي.
رغم ذلك، ظل جمال يبحث عن الأضواء، مستغلا مهرجان كان، وراح ينظم السهرات على مقاسه مع أصدقاء الأحياء السكنية الشعبية دون أن يكترث بأي شيء. وفي خلال ذلك، تعرف على نادية مورين، ذات الأصول المغربية هي الأخرى، والتي ذاقت حياة البؤس والحرمان واليتم بعد أن توفي والدها في حادثة سير وهو في سن الحادية والثلاثين. وسرعان ما تطورت العلاقة بينهما إلى أن أصبح نوع من الحميمية يربط بين الإثنين وأسرة الدبوز بأكملها. تتميز نادية بحس تجاري عال راكمته خلال تجربة طويلة في المجال، بينما كان جمال مايزال يجهل طرق تدبير أمواله لاسيما ما تعلق بالضرائب على المداخيل. اقترحت عليه، إذن، أن يستثمر أمواله في شراء شقق جاهزة للاستفادة من الامتيازات الممنوحة من قبل الدولة في هذا الإطار. فسعى خارج باريس ليجد الشقق المناسبة قبل أن يستقر على ضاحية بعيدة ويشتري أربع شقق في عمارة راقية تبلغ مساحاتها: 177، و100، و80، و50 مترا مربعا. وكانت نادية هي من فاوضت السعر الإجمالي للشقق الذي كان سعرا مناسبا جدا بلغ 170 ألف فرنك، تسلمت عنه نادية 10 في المائة.
أرادت نادية مورين أن تبين لجمال ومن معه أنها قادرة على تنظيم حفل كبير تحت رعاية العائلة الملكية بالمغرب لأهداف إنسانية. واستطاعت أن تضمن مشاركة الشاب مامي والشاب خالد وفنانين آخرين إلى جانب جمال الذي سيكون النجم. قامت نادية بجميع الاتصالات الضرورية فيما تكلف خالد القنديلي بتوفير اللوجستيك الضروري في المغرب، قبل أن يسافر جمال إلى الرباط ليستقر رفقة باولا صديقته ونادية وإخوانه في فيلا راقية على المحيط في انتظار يوم الحفل. لكن، القدر المحتوم أراد أن لا تكتمل الأمسية كما كان مقررا لها. فقد توفي الملك الحسن الثاني في 23 يوليوز من ذلك العام، 1999.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire